في رأي أغلبية الباحثين في مجال المصادر البشرية فإن السبب الأساسي الذي يجعل الملايين في أنحاء العالم يبتعدون عن تيار التوظيف الحكومي، هو أن نظام التوظيف العام، يحكم عن طريق نوعين من النصوص، فعلى سبيل المثال وفي بلادنا سورية، يعتبر مراجعة القضاء حقاً عاماً لجميع الموظفين والمنتدبين لدى القطاع الحكومي، حيث تضمن النصوص العامة لجميع الموظفين الحق في اللجوء إلى المرافعة أمام المحاكم العمالية في حال نشوب أي خلاف بين الموظف وبين الجهة الإدارية التي يعمل ضمنها.
ما هي أسباب عزوف اليد العاملة في معظم أنحاء العالم عن الوظيفة الحكومية؟
قد كان لهذه المحاكم دور حاسم في حل قسم كبير من النزاعات بين الجهات الإدارية والموظفين العاملين في ملاكها الإداري، إلا أنه اليوم قد وصل إلى مرحلة من التعقيد القضائي والإداري، حيث تتالت التشريعات الحكومية والرسمية والأوامر الإدارية ضمن دوائر الدولة، بحيث وصلت إلى مرحلة من التشعب، يرفض معها معظم أصحاب المصلحة اللجوء إليها لتحصيل حقوقهم.
صعوبات قانونية في الوظيفة الحكومية
يتم حساب الأجور والتعويضات عادة بإحدى طريقتين، في بلادنا والغالب منها عادة هي النصوص خاصة من ضمن الدائرة ذاتها، حيث تعتبر هذه النصوص تقييم لطبيعة عمل الموظف والأماكن أو البيئة التي كان يعمل ضمنها، كما تستند أيضاً إلى نوع الشهادة التي يحملها الموظف في منح التعويضات العمالية، ويقصد بالنصوص الخاصة النصوص التي تصدر عن الإدارة كجهة إدارية للموظفين من دون الرجوع للمرجع الأعلى لتفرض التوجيهات عليهم، وبناءً عليه يتم إصدار هذه النصوص الإدارية الخاصة غالباً بالاستناد إلى الشروط الزمانية والموضوعية في أوقات الإنتاج، فعلى الرغم من أن الموظفين يبذلون الجهد نفسه، إلا أن هناك فئة تتلقى راتباً أعلى أو أدنى من فئة أخرى ضمن هذه الظروف وتصدر ضمن هذه الأوقات تشريعات إدارية خاصة تحدث هذا الفرق بين الموظفين، والحقيقة هي أن القوانين الخاصة هي التي تسود غالباً في تحديد حقوق العمال أمام المحاكم العمالية رغم نسبيتها وارتباطها بالظروف الراهنة.
كما إن اعتماد النصوص الخاصة على الموظفين يوقعنا في إشكالية أخرى، إذ تعتبر الشركات حقوق الموظفين المالية تابعة بمعظم الأحوال للقوانين الخاصة واللوائح الإدارية ضمن الدائرة نفسها، ما يعني أن هذه النصوص تمنح الشركة سلطة تقرير الأجور والتعويضات والعلاوات والمكافآت للموظفين، مع إن الواقع الحديث في التوظيف يشير إلى ضرورة اتباع الأسلوب الحديث في سياسة الرواتب، حيث تقدر الرواتب والتعويضات بالنصوص العامة لجميع الموظفين بينما تقدر المكافأة والعلاوات بالنصوص الخاصة، ضمن البلدان الصناعية المتقدمة.
مبدأ العمولات في الراتب في الوظائف الحكومية
تعاني اليد العاملة حول العالم اليوم وليس فقط ضمن السوق السورية المحلية، من ظهور شركات وهمية تهدف إلى جمع الأموال، وتعتبر هذه الشركات الوهمية عادة أحد أخطر آفات العالم المعاصر، حيث تلجأ هذه الشركات إلى استغلال أكبر شريحة من اليد العاملة في سبيل العمل المجاني لقاء عمولات مستقبلية، وتكون هذه الشركات عادة مكونة من شركات الوساطة العقارية أو شركات الدفع الإلكتروني الوهمي، والتي تجند عدد كبير من الأفراد من دون أن يكون عملهم مشروع فلا يحصلون على الحماية القانونية أثناء عملهم، كما يتم استغلالهم في كثير من الأحيان، لاسيما شركات التسويق الإلكتروني والتي تعتمد أسلوب النظام الهرمي أو السلمي في تجنيد الأعضاء والشركاء في هذا النوع الشركات، ولذلك كانت مكافحة هذه الشركات ومواجهة هذا النمط من الاستغلال والاحتيال.
السياسات والتشريعات العالمية في الوظائف الحكومية
باتت جميع الشركات العالمية التي تحتوي على عدد كبير من الموظفين، تميل إلى اتباع سياسة إدخال الموظفين المباشر في الأرباح كشركاء، فعلى الساحة الوطنية نلاحظ أن الحد المتدني من الأجور سواء الأجور العامة أم الخاصة، يأتي من تحديد أجور العمال بموجب الاتفاق أو العقد في ظل التضخم، فعلى الرغم من أن الجهات الخاصة هي أكثر مرونة في رفع الرواتب والأجور لموظفيها، إلا أنها تعتمد على الاتفاق في ضبط جهد الأفراد ليكون دون الحد الأدنى من أرباح المشروع، فضمن الحسابات الأخيرة، لا تكاد تتجاوز أجور الموظفين في القطاعين العام والخاص ١٠ إلى
الدور السلبي للتوظيف التقليدي
تعاني السوق الوطنية أيضاً من ناحية محاربة اليد الماهرة في كثير من الحالات حيث تقوم الكثير من جهات التوظيف العامة والخاصة من حرمان الدوائر والشركات الخاصة من أصحاب الكفاءات العالية عن طريق التمييز في التوظيف بين المتقدمين، فتخسر بذلك الشركات والسوق الوطنية الداخلية سواء على المستوى العام أو الخاص المنتجين الفعليين القادرين على التأثير ضمن السوق المحلية ما كان أحد أسباب هروب أعداد كبيرة من اليد العاملة للخارج، ولذلك فإن مواجهة هذه الظاهرة أيضاً بات أمراً لم يعد بالإمكان تجنبه، بل وهو واجب تشريعي في ضمان تأمين حق العمل للأفراد وصون القوانين الدستورية التي تنص على خضوع جميع أفراد المجتمع لفرص متساوية في التوظيف ضمن شروط متساوية.
فكان من غير المقبول السير على برامج المسابقات التي تعتمد على الحظ في كثير من الأحيان كما تعتمد على برامج اختبار قديمة ومتوقعة لدى المتقدمين، بذلك الجدوى التوظيفية في عملية انتقاء العنصر البشري، كما أنه من غير المقبول السير على برامج المسابقات التي تعتمد على الحظ في كثير من الأحيان كما تعتمد على برامج اختبار قديمة ومتوقعة لدى المتقدمين.
ختاماً فقد صارت حماية اليد العاملة الوطنية وتأمين رواتبها أحد ضرورات التنمية الاقتصادية في خطة العالم القادمة، لاسيما فيما يعاني منه العاملون في العالم، من تدني الأجور والسخرة لصالح أصحاب العمل، فاتجهت التشريعات الجديدة إلى إشراك الموظفين في أرباح المشروع التجاري كشركاء يهمهم أمر العمل، وبذلك تتحسن الإنتاجية الفعلية للعمل الحكومي حيث يصبح الموظفون قادرين على التأثير الفعلي، لا التأثير السلبي في مجريات سير العمل الحكومي، وتتحرك عجلة المؤسسات العامة في عملية التنمية، حيث يجزم أو يكاد يجزم المحللون الاقتصاديون والاجتماعيون على استحالة السير في أي منظومة إصلاحية في العالم من دون توافر العناصر البشرية المناسبة، ولذلك تتبع هذه الحكومات كالصين وتايوان أسلوب إغراء الأفراد بالعمل الحكومي، حتى تحصل دوائر الدولة والمؤسسات دوماً على أفضل عناصر الإنتاج المتاحة، حيث تعتبر الوظيفة الحكومية في تلك البلدان أحد أحلام الطبقة الوطنية العاملة، ويسعون دائماً لإمداد هذه المؤسسات بالعناصر البشرية الملائمة إن لم يكونوا هم فأولادهم، وكل ذلك في النهاية يصب في مصلحة سبيل خلق الحكومات، بيئة عمل مملوءة بالفرص والأمان المعيشي لرعاياها…تشرين.